
قالت مايف للحارس عند البوابة: "إلينور وداريا داولر. على الرغم من أنها قد تكون مسجلة تحت اسم داريوس داولر، فهم دائمًا ينطقون اسمها بشكلٍ خاطئ." ورمشت عينيها بوجهه ببراءة.
استعرض الرجل القائمة وأضاء وجهه عندما وجد اسم والديَّنا.
قال: "آه نعم، أراكما هنا. نعم، إنها مسجلة تحت اسم داريوس."
رددت عليه وأنا أدير عيني، كأن الأمر قد حدث مليون مرة من قبل: "يحدث هذا في كل مرة."
فتح البوابات الذهبية الكبيرة، يسمح لنا بالدخول.
كان هناك طريق طويل، مضاء بفوانيس ذهبية متلألئة. شعرت وكأنني في قصة خيالية.
لحسن الحظ، أحضرت أمي فستانين إضافيين، تحسباً إذا غيرت رأيها في اللحظة الأخيرة. وإلا، لكنّا بدونا شاذتين للغاية هنا.
كنت أرتدي فستانًا حريرياً أرجوانياً بطول الأرض. جعل عينيّ الزرقاوين تبرزان. وفي الوقت نفسه، اختارت مايف فستاناً من الشيفون الأخضر بلون الزمرد. كلتانا بدونا ساحرتين.
في نهاية الطريق، وصلنا إلى ساحة. وفي وسط الساحة كانت نافورة تحمل تمثالًا كبيرًا في وسطها بالضبط. تفحصت التماثيل الرخامية. كانت مجموعة من اللايكان، نُحِتت بشكلٍ مثالي. وبدا كأننا وصلنا إلى طريقٍ مسدود. لقد كانت تحيط بنا شجيرات وأشجار طويلة تزينها أضواء متلألئة.
قالت مايف، وهي تفحص المكان بحثًا عن أدلة: "ماذا نفعل الآن؟"
قلت: "دعيني أخمن، علينا أن نخرج للركض قريبًا." ~
بمجرد أن لفظت ذئبتي هذه الكلمات، بدأت الشجيرات والأشجار من حولنا في التراجع، لتكشف عن أعظم قصر رأيته في حياتي.
"لم أفعل هذا أنا" قالت مايف في حيرة.
"أعرف،" قلت وأنا لا أزال في حالة صدمة. "كانت ذئبتي."
كان الجزء الخارجي من القلعة على طرازٍ يشبه العصور الوسطى، باللون البني المحمرّ، ومحاطًا بخندق متلألئ. بإمكانك رؤية الجسر الذي يؤدي إلى القلعة ويستخدم كمدخل لها.
عندما دخلنا، أدركت أنه على الرغم من أن هذه القلعة قد بنيت منذ زمن بعيد، فقد تم تحديثها.
كانت تتدلى من السقف ثريات كهربائية فاخرة مزينة بالعديد من القلائد الزجاجية. تزينت جدران الممرات بلوحات جميلة من عصر النهضة.
وكنت أسمع أغنية جميلة تعزف في قاعة الاحتفالات، يتردد صداها عبر الممرات.
تجمدت في مكاني
" انتظري، مايف!" أمسكتها من ذراعها وجذبتها للخلف. "لا أعتقد أنني أستطيع فعل هذا."
توسلت قائلة: "نالا، من فضلك، تعالي معي. ألا تريدين التأكد؟"
"أنا... لا أعرف."
"مهما حدث، سنقضي ليلة ممتعة معاً."
كانت محقة. من المحتمل ألا يلاحظ الملك وجودي هناك أصلاً. كانت القاعة تغص بأعضاء البلاط الملكي.
وحتى لو لمحني وسط الحشد، فسيلقي نظرة واحدة عليّ ويعرف أن لا أحد مثلي يمكن أبداً أن تصبح ملكته.
دخلنا، أنا ومايف، إلى قاعة الاحتفالات. شعرت بعيون الناس علينا ونحن نشق طريقنا وسط الزحام. وكما لو بالسحر، وجدنا فجأة كؤوس الشمبانيا في أيدينا.
همست مايف في أذني، "تخيلي أننا كنا سنقضي الليلة في ذلك البار الرديء."
بدا أن الجميع كان يشاهدون زوجين يرقصان في وسط قاعة الاحتفالات. كانت عيناي مثبتتين عليه. تحرّك قوامه المهيب برشاقة ملفتة. بالكاد لاحظت المرأة التي كان يرقص معها. كنت مشتتة بوجوده لدرجة أنني اصطدمت بشخص أمامي.
"نالا؟ مايف؟" كانت أمي، مرتبكة من وجودنا هناك. "هل هذه فساتيني؟"
"يا فتياتي،" تدخل أبي، محتاراً بنفس القدر. "ماذا تفعلان هنا بحق السماء؟"
أجابت مايف: "ألا تفرحان برؤيتنا؟"
عانقتنا أمي بحنان: "بالطبع يا حبيبتي، لم نكن نتوقع هذا. أنظرا هناك. ذاك هو الملك ألاريك وصديقته الجديدة. أقول بصراحة، لو كنت أصغر سناً، لكنت حاولت خطفه منها حالاً."
قلت مذهولة: "إنه وسيم، أليس كذلك؟"
ردت: "أتمنى أن تجدا احدا مثله. لقد سمعت من بعض السيدات أنه كان زير نساء سابقاً، ولكن منذ بضعة أشهر، هو يواعد هذه الفتاة فقط."
راقبتهما وهما يرقصان. غمر جسدي سيل من المشاعر المختلطة دفعة واحدة. كان الأمر كما لو أنني أنجذب إليه بقوة خفية.
في اللحظة التي استدار وجهه في اتجاهي، تجمد جسدي. ها هو ذا. الرجل من رسمة مايف.
لم أستطع التنفس.
قلت لأهلي قبل أن أركض خارج قاعة الاحتفالات: "عليّ الخروج من هنا."
"حبيبي، لماذا لا تطلب مني الرقص؟"
أخذتها بيدها وقُدتها إلى وسط قاعة الاحتفال. هذا تحديداً ما كنت أرغب بتجنبه. كل هؤلاء الناس يعتقدون الآن أن سالا يمكن أن تكون لونا المستقبل.
لقد وافقت على الرقص معها هذه المرة مجاملةً، لكنني وضعت ملاحظة في ذهني بأني سأغادر الغرفة في المرة القادمة قبل أن تبدأ أي رقصة.
كان يجب أن يبدأ الافتتاح الالفا واللونا الملكيين . سالا لم تكن أياً منهما.
عندما بدأت الموسيقى، بدأنا بالتحرك. أمسكتُ بيدي اليسرى يد سالا اليمنى، وباليد الأخرى، خصرها النحيل.
لا يمكنني أن أنكر أن سالا كانت جميلة الليلة. كان فستانها الذي برز قوامها باللون الذهبي ، مطابقًا لجسدها.
حاولت ألا أبدو متضايقاً ونظرت حولي إلى الضيوف دون أن أهتم بأي من الوجوه التي تنظر إلينا.
رأيت أحد مستشاري في زاوية الغرفة. لكن ليس هو حقًا من لفت انتباهي، بل المرأة التي وقفت خلفه.
قفز قلبي فجأة عندما رأيت تلك العيون الزرقاء التي أعرفها جيدًا. حاولت أن أقود الراقصة في اتجاهها لأتمكن من رؤية وجهها بشكل أفضل.
قطعت نظري عندما شتتني سالا بسؤالها. أومأت برأسي وابتسمت لها، محاولاً إظهار الاهتمام. عندما نظرت مرة أخرى إلى حيث كان من المفترض أن تكون المرأة الغريبة، لم أرَ سوى الجدار.
مستشاري لا زال هناك، لكنها اختفت. مسحتُ القاعة بأكملها بنظري، وشعرت بالإحباط.
تساءلت في نفسي مجددًا. ربما لم تكن هي. أو ربما كانت مجرد امرأة بعيون زرقاء. كان هناك الكثير من هؤلاء حولي.
انتهت الأغنية، وقُدتُ سالا إلى خارج مركز قاعة الاحتفال. "ما الأمر؟" سألني هادو، البيتا الخاص بى، مستشعراً أن شيئاً ما كان يزعجني.
"لا شيء،" أجبته بلا رغبة في بدء محادثة.
"حبيبي؟" سمعتُ صوت سالا.
أعجبتني، نعم، لكنها لم تكن زوجتي، ناهيك عن ملكتي.
"متى ستكون المطاردة؟" سألتني.
"بعد يومين"، قلت.
"هل كل شيء جاهز؟"
"نعم. سيقام الحدث هذا العام خارج أسوار القلعة مباشرة. تم ترتيب كل شيء وفقًا لذلك"، أجاب هادو.
"كم عدد الأشخاص الذين يلعبون هذه المرة؟"
"حوالي أربعة عشر،" قلت.
كنت أكره تلك اللعبة اللعينة. كيف يحب هؤلاء النساء المشاركة فيها؟ كل عام، لا يسعني إلا أن أشكر إلهة القمر على عدم وجود رفيقتي بينهن.
عادت لي صورة العيون الزرقاء. لم أكن أعرف سبب ذلك، لكن في كل مرة كنت أرى فيها المرأة الغامضة في أحلامي، كنت أشعر بالضعف، كما لو أن مجرد النظر إليها قد استنزف قوتي.
لم يكن هذا حلماً عاديا. كان هذا الحلم مختلفاً. شعرت بهذا الحلم في جسدي، كما لو أنها كانت أمامي تمامًا، ترقص وفستانها بيدها.
كيف يعقل أني أتذكر فقط لون عينيها وليس باقي وجهها؟
تنهدت محبطاً. لا يجب أن أفكر في هذا الهراء. عليّ التركيز على الفاجعة الكاملة التي تدور أحداثها في مملكة الساحرات.
على ما يبدو، إيفانورا، ملكة الساحرات، كانت خائفة من شيء ما. لا أحد يعرف مصدر خوفها، لكن رعاياها لاحظوا سلوكها المضطرب.
وهذا أمر غريب، بالنظر امدى قوتها. سيتعين عليّ إرسال داريوس للذهاب إليها. لقد توقفا عن التواصل بعد أن تزوج إليانور، لكن هذا الأمر كان بالغ الأهمية. سنضطر جميعاً إلى تنحية خلافاتنا جانباً.
داريوس كان الشخص الوحيد الذي تثق به. لم أستطع المخاطرة بتعريض مملكتي للخطر كما حصل في المرة السابقة.
أصبحت حواسي الوقائية حادة أكثر من أي وقت مضى، كما لو كان لديّ المزيد لأحميه. حتى مع كل ما يحدث وواجبي تجاه مملكتي، كنت بحاجة إلى العثور على المرأة ذات العيون الزرقاء. تلك العيون التي تاقت نفسي لها بشدة حتى أصبحت متأكداً من أني كنت أتوهمها في وجوه الغرباء.