حارسها المستبد - غلاف كتاب

حارسها المستبد

E. R. Knight

الفصل 6

عندما عادت كارا إلى شقتها في اليوم التالي، وجدت المكان يعمه السكون. كانت ميجان تسبقها إلى المنزل عادة، وتشرع في الغناء، وإن كان صوتها نشازًا، على أنغام أغنياتها المفضلة.

تساءلت كارا عن مكانها، ودخلت إلى الشقة ثم أغلقت الباب خلفها. لم يكن آدم موجودًا أيضًا.

وضعت حقيبتها على الأريكة في غرفة المعيشة ومددت ذراعيها فوق رأسها. كانت مرهقة للغاية.

شعرت براحة غامرة لتمضية بعض الوقت بمفردها، فتوجهت إلى غرفة نومها ووضعت هاتفها على الطاولة ثم اتجهت مباشرة إلى الفراش.

كانت على وشك أن تزيل اللحاف لتتسلل تحته عندما رن جرس الباب. افترضت كارا أن ميجان هي من تقف خلف الباب فعادت إلى غرفة المعيشة وتوجهت إليه لتفتحه.

وقف آدم على بعد بضع خطوات، يحمل أكياس البقالة في يده. دخل الشقة دون أن ينظر إليها، متجاهلًا وجودها تمامًا.

امتعضت من تصرفه وأغلقت الباب بعنف أكثر مما يلزم وهي تحدق في ظهره بغضب، بينما يفرغ محتويات الأكياس على طاولة المطبخ.

فواكه، وحليب، ورقائق البطاطس، وخضروات مقطعة.

يا للعجب! لقد اشترى الكثير من الأشياء.

كادت تسأله عن سبب تلك المشتريات الكثيرة وعن غياب ميجان، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة متذكرة النظرة السريعة الخاطفة التي ألقاها عليها.

ليفعل ما يحلو له. ستهتم ميجان بالأمر، وليس ذلك من مسؤولياتها على أية حال.

استدارت عائدةً إلى غرفتها، عازمة على أخذ قيلولة سريعة قبل عودة ميجان. لم تتصل بها ولم تترك أي رسالة، وهو ما اعتادت فعله عادةً.

فكت كارا شعرها ودلكت فروة رأسها برفق ثم تسللت أسفل الغطاء وأطبقت جفنيها. كان بإمكانها أن تسمع صوت آدم يتحرك في أنحاء المطبخ.

استدارت على جانبها واستكنّت أكثر. بعد لحظات، ساد الهدوء.

كانت قد بدأت تغفو عندما سمعت صوت هاتفها يرن معلنًا عن رسالة واردة.

تذمرت كارا وجلست لتصل إلى هاتفها. كادت عيناها تخرجان من محجريهما لرؤية اسم المرسل.

إنه ماكس!

نقرت على الرسالة لتقرأها، ونبضات قلبها تتسارع للغاية.

مرحبًا.

ما هذا…

لم يراسلها منذ وقت طويل للغاية! لماذا يراسلها الآن؟ في الوقت الذي تحاول فيه نسيانه تمامًا!

جلست كارا باستقامة وأبعدت شعرها عن وجهها، وهي تفكر في كيفية الرد. حدقت في الشاشة للحظة، ثم بدأت بالكتابة.

مرحبًا.

ضغطت على زر الإرسال ثم انتظرت.

أتى رده سريعًا.

اشتقت لكِ. هل يمكننا اللقاء؟

شعرت بأنها تتصرف بسذاجة حين ارتسمت ابتسامة على شفتيها وهي تقرأ الكلمات. هذا سخيف. ماذا قد يريد الآن؟

نهضت كارا من السرير وبدأت تتجول في أرجاء الغرفة، تضم قبضتيها وتبسطهما لا إراديًا. اللقاء به؟ لا تبدو فكرة سديدة.

ثم توقفت عن الحركة.

لكنهما كانا صديقين، أليس كذلك؟ لقد وقف إلى جانبها قبل كل ما حدث مع كارين، وهذا يعني شيئًا ما، أليس كذلك؟

رن هاتفها مجددًا. إنه يراسلها مجددًا.

كارا، أرجوكِ.

هزت رأسها بإحباط، متسائلة أين ميجان عندما تحتاجها بشدة؟

ربما يجب أن تذهب لتنتهي من هذا الأمر، كرمى للأيّام الخوالي.

كتبت ردًا.

حسنًا.

جلست على سريرها مجددًا ورن هاتفها.

شكرًا يا كاي. هل يناسبك سيمونز فيتزروفيا في الساعة السابعة مساءً؟

ترددت كارا لوهلة. أراد اللقاء في حانة؟ كانت تفكر في مكان أكثر هدوءً كمقهى أو ما شابه.

هزّت كتفيها في حركة لا مبالاة. لا يهم المكان حقًا. لم تكن تفكّر في إحياء صداقتها القديمة معه، بل كان هذا مجرّد لقاء عابر.

حسنًا. سأكون هناك.

أرسل لها وجهًا مبتسمًا في رده.

تمددت كارا على الفراش مجددًا ملقيةً ذراعها فوق عينيها.

ستكون هذه أمسية طويلة.

***

كانت الساعة السادسة وخمسًا وأربعين دقيقة عندما غادرت كارا شقتها. يبعد البار ست دقائق فقط سيرًا على الأقدام.

ارتدت كارا بنطال جينز أزرق فاتحًا وقميصًا أبيضًا بلا أكمام مع سترة جينز ممزقة. صففت شعرها في ذيل حصان مرتفع مع قرطين لؤلؤيين متدليين.

لم يكن مظهرها مبهرجًا، وظنت أنه يناسب تمامًا أمسيةً في حانة. على الأقل هذا ما كانت تأمله.

لم تعد ميجان إلى المنزل، لكنها راسلت كارا منذ فترة قائلة إنها مشغولة ببحث جامعي يتوجب عليها إعداده بالاشتراك مع زملائها.

ردت كارا وأخبرتها بأنها على وشك مقابلة ماكس. لكن ميجان لم ترد بعد.

عند وصولها إلى البار، تفقدت كارا هاتفها لترى إن كان ماكس قد راسلها. لم يفعل.

آخذةً نفسًا عميقًا، واستقامت استعدادًا. لم يسبق لها أن زارت هذا المكان، لكنها كانت تسمع أنه مثالي لقضاء السهرات أو احتساء مشروب بعد العمل.

دفعت الباب ودخلت. فاحت حولها رائحة الطعام والشراب. خطت خطوات إضافية إلى الداخل ونظرت حولها. كان المكان أرضيته خشبية، كما بدا فسيحًا ومضاءً بشكل جيد.

أحاطت أضواء النيون الملونة بالمكان. وعندما دققت كارا النظر لاحظت أوراق الحائط المميزة التي تزين الجدران. كانت أغلب الطاولات مشغولة بأزواج ومجموعات من الشباب.

إلى يمينها، رأت بضعة أشخاص يرتدون بدلات وأزياء رسمية، يتبادلون الضحكات والمشروبات.

انعكس الضوء على شيء لامع، فرفعت كارا بصرها لتجد كرة ديسكو متلألئة على شكل جمجمة معلقة في وسط السقف.

كانت قد خطت للأمام لتوها عندما سمعت صوتًا مألوفًا.

التفتت كارا لتلمح ماكس. كان يجلس على كرسي مرتفع عند البار يتحدث إلى النادل، ثم التفت إلى جانبه وابتسم للمرأة التي تجلس بجواره.

انقبض قلب كارا.

كانت كارين.

كانت كارا ترتدي فستانًا أحمر قصيرًا مع حذاء ذي كعب عالٍ، وقد انسدلت خصلات شعرها في تموجات لامعة على ظهرها.

اللعنة.

وكأنها مُسيّرة بلا إرادة، كانت كارا على وشك الالتفاف والهروب من المكان حين التفت ماكس للخلف ورآها.

"كاي!"

كادت تتأوه عندما وقعت عينا كارين عليها. شعرت بأن ملابسها بسيطة للغاية وبأنها دخيلة وسط هؤلاء الناس، خصوصًا عندما مرت عيون كارين على كامل جسدها بضيق فيما بدا لكارا مزيجًا من الاحتقار والاستخفاف.

كان ماكس يومئ لها بالفعل لتقترب. لم تكن كارا ترغب في أن تبدو وقحة، فرسمت ابتسامة على شفتيها وتوجهت إليه، بينما شعرت بالتوتر.

عندما اقتربت منهما، كادت تختنق برائحة البيرة. كانت تفوح من ماكس بشدة.

احتضنها ماكس بقوة، ضاغطًا وجهها في عنقه. كانت تفوح منه رائحة العرق والكحول. كيف تتحمل كارين هذا الرجل أساسًا؟

"سررتُ بلقائك أيضًا، يا ماكس" قالت كارا عندما تركها أخيرًا، لكنه ظل ممسكًا بيديها.

ابتسم لها بتلك الابتسامة السخيفة التي أحبتها يومًا ما. أما الآن، فقد شعرت أن وجوده يربكها. رأت كارين من طرف عينها تحدق بها بنظرات حادة.

يا إلهي، لقد أساءت الظن بها تمامًا إذا ظنت أن كارا تريد ماكس. يمكن لكارين أن تحظى به.

"كارا، هذه كارين. كارين، هذه كارااا." تلعثم ماكس وهو يقدمهما لبعضهما البعض.

"يا إلهي! أسماؤكما تتناغمان معًا!" صاح فجأة بصوت عال، وقد أصيب بفواق في نهاية كلامه.

حاولت كارا ألا تتقزز من استعراضه هذا أمامها. بدأ الناس بالفعل ينظرون في اتجاههم.

نظرت كارا إلى الفتاة الواقفة بجانب ماكس وابتسمت.

"لا أعتقد أننا التقينا سابقًا خارج الصف." سحبت كارا يدها من يده ومدتها إليها.

اكتفت كارين بإلقاء نظرة خاطفة على يدها وأومأت برأسها. "لا، أعتقد ذلك."

شعرت كارا بالإحراج عندما تجاهلت كارين يدها الممدودة والتفتت نحو ماكس، واضعة يدها خلف عنقه.

"إلى متى سنبقى هنا يا حبيبي؟"

احمرّت وجنتا كارا من الإهانة الواضحة، فسحبت يدها إلى جانبها. وما زاد غيظها أن ماكس لم يترك يدها الأخرى.

"لقد وصلت كارا للتو! لنطلب لها شرابًا!" صفع يده على الطاولة. نظر إليه النادل وأومأ برأسه.

أرادت كارا أن تصفعه. ألن يسألها عما تود أن تشرب؟

راقبت كارين وهي تنهض فجأة عن كرسيها وتتجه نحو ماكس، وتلصق جسدها بجانبه، بينما تمرر يدها على عنقه لتعبث بشعره. التفتت كارين إلى كارا، ونظرت إليها بحدة.

"إذن، هل لديك حبيب؟"

ازدادت وجنتا كارا المحمرتان احمرارًا.

"لا."

ابتسمت كارين ابتسامة متكلفة: "إذن، لم ترتبطي أنتِ وماكس أبدًا؟"

عند سماع اسمه، رفع ماكس رأسه ونظر بينهما قبل أن يرتفع حاجباه في صدمة.

"ماذا؟ أنا وكارا؟ لا، مستحيل." ضحك وألقى برأسه إلى الخلف. "إنها ليست من نوعي المفضل حتى. انظري إليها!" قال مشيرًا إليها بعينين متسعتين في دهشة.

شعرت كارا بالارتباك عندما توقف النادل عن مسح المنضدة ونظر في اتجاههم.

"عفوًا؟" تمتمت في ذل وارتباك.

اعتدل ماكس في وقفته ووضع يدها على صدره. بجانبه، انتفضت كارين في ضحكات مكتومة، وقد استقرت يدها على فخذ ماكس.

تمنت كارا لو تنشق الأرض وتبتلعها.

"اسمعيني يا كارا." قال ماكس بجدية وهو ينظر في عينيها.

رآت الزوجين الجالسين إلى طاولة قريبة ينظران إليهما بفضول.

تسارعت نبضات قلبها من التوتر، وكل ما أرادته هو الخروج من هذا المكان.

"أعرف أنكِ مغرمة بي. أعرف ذلك منذ فترة طويلة."

احمرّ وجه كارا خجلًأ عندما رفعت كارين بصرها وضحكت بشكل هستيري، حتى ذرفت الدموع من عينيها المزينة بالمكياج المثالي.

واصل ماكس حديثه وصوته يكاد يختنق من شدة الضحك.

"ولكن عليكِ التفكير بعقلانية. أنت وأنا؟ أنتِ لستِ من الفتيات اللواتي أفضلهن على الإطلاق. أولًا، أنتِ مبتدئة ولم تخوضي أيّة علاقة على حد علمي…"

سحبت كارا يدها بعيدًا، وآلمتها كلماته بشدة.

امتلأت عيناها بالدموع، لكنها رفضت البكاء. ليس الآن. ليس أمامهم.

بدا ماكس وكأنه يحاول التوقف عن الضحك، لكن كارين واصلت قهقهتها، وصدرها الممتلئ يحتك بذراعه.

رفعت كارا رأسها عاليًا ونظرت إلى ماكس.

"أتعرف يا ماكس؟ كنت على حق. أنا لست نوعك المفضل من النساء. أنا أفضل منك بكثير."

توقف عن الضحك فجأة وأبعد يد كارين عنه.

استمرت كارا، مستبدلة شعور الألم بالغضب.

"لا أصدق أني ضيعت وقتي مع شخص أحمق ومثير للشفقة مثلك. أنت تستحق أمثالها فقط."

أشارت نحو كارين التي توقفت عن الضحك في الحال، لدرجة أن الموقف كان ليبدو هزليًا في أي وقت آخر.

"هؤلاء اللواتي يرمين بأنفسهن على شباب مثلك، أولئك الذين يبحثون فقط عن علاقة عابرة بين الحين والآخر."

لمحت ابتسامة خفيفة تعلو وجه عامل البار خلف ماكس، الذي بدا عليه وعلى كارين الذهول التام.

كانت كارا على وشك الاستدارة والمغادرة عندما توقفت ونظرت إلى كارين.

"أشعر بالأسف تجاه جيرالد. المسكين اضطر لتحملك كل هذه المدة."

احمر وجه كارين، وعجزت عن النطق من الصدمة.

ورأسها لا يزال مرفوعًا، استدارت كارا وغادرت المكان، غير مدركة للعيون الزرقاء التي تلاحق كل خطوة من خطواتها.

الفصل التالي
Rated 4.4 of 5 on the App Store
82.5K Ratings
Galatea logo

كتب غير محدودة وتجارب غامرة.

غالاتيا فيسبوكغالاتيا إنستغرامغالاتيا تيك توك