كولت - غلاف كتاب

كولت

Simone Elise

3: عودة الشيطان

بيك

"يا إلهي!" همست وأنا أنقل عود الأسنان للجانب الآخر من فمي. الوغد استطاع الخروج فعلًا.

شعرت بألم خافت يحرق صدري عندما انتهيت من قراءة الخبر الصادر عن إطلاق سراح كولت من السجن. القائد سيصاب بالهستيريا حتمًا.

فتحت تطبيق الرسائل على هاتفي وحاولت تذكر آخر رقم تواصل أعطي لي:

بيكهل عرفت الخبر؟
بيكهذا اللعين خرج من السجن
غير مسجل نعم، علمت. واثق إنك سترتب الأمر بما يرضيني؟
بيكيلقبونه بالشيطان لسبب.
غير مسجلهل تقول أنك غير قادر على المهمة؟
غير مسجل لا أقدر على تحمل أي تبعات من شأنها تعطيل العمل.
بيككلا
بيكسأتكفل بالأمر
بيكلكن الوضع سيأخذ منحى دموي جدًا
غير مسجللا يهمني
غير مسجلاتصل بي عند إتمام المهمة.

كولت

تملّكني إحساس قوي بأن الأمور تغيرت بشكل جوهري منذ رحلتي الأخيرة بينما أقف خارج بوابات مبنى الملهى...الأمور لم تكن منظمة إلى هذا الحد من قبل.

ارتحت بعض الشيء وأنا أسير بين المباني المطلية حديثًا وحتى الشجيرات المشذبة، لشيء واحد على الأقل بقي على حاله: رمز ملهى فايبرز للدراجات النارية.

كان الرمز مُلصّقًا في كل أنحاء المكان القذر: على الدراجات، والحوائط، والأعلام! لقد ترعرعت على احترام وشرف ما يمثله هذا الرمز.

الآن وبعد ثلاثة عشر عامًا خلف القضبان، سأستطيع أخيرًا استعادة زمام حياتي والقيام بواجبي الحقيقي.

دخلت مبنى الملهى عبر المرآب. المكان أشبه بمدينة أشباح...وهذا يعني أمرًا واحدًا فقط: هناك اجتماع مهم.

تجاوزت القاعة الخالية واتجهت نحو الصالة المؤدية إلى حيث تُعقد اجتماعات الكنيسة – الأصوات المرتفعة قادمة من الداخل، ما يوحي بمناقشة أمر جسيم.

فتحت الأبواب بعنف. حان الوقت لاستعادة ما هو ملكي بحق.

"ازدّدتم ثراءً بينما كنت محبوسًا، يا رفاق؟" بدا واضحًا منذ دخولي الملهى أن العائدات زادت بشكل ملحوظ...ونظرًا لكل التجديدات، من المؤكد أنهم يجنون مبالغ باهظة.

من العلامات الدالة على ثراء أي نادٍ هو حجمه، وطاولةملهى فايبرز للدراجات تضاعف أعضاؤها عن عددهم منذ ثلاثة عشر عامًا.

"الشيطان عاد، والموت ينادي أسمائنا" همهم دايف تحت أنفاسه، هو عضو مدى الحياة وفوجئت بأنه لا يزال حيًا يرزق. هذا العجوز دائم الوجود منذ طفولتي، لا يكف عن الهمهمة وإطلاق جملٍ بلا معنى.

كان أبي يردد دومًا أن المخدرات أتلفته في سنوات شبابه، بينما كان جدي يقول إن دايف هو كاهن الشيطان.

وهذا بالفعل دوره في الملهى – يحتفظ بسجلات الشيطان ويُجري التقييمات بين نجاحي وبين من سبقوني كوالدي وجدي وأسلافهم... طالما وُجد شيطان، فلا بد من وجود كاهن له.

إنه يُقابل القسيس الذي يغفر الذنوب، دايف هو من تلجأ إليه حين تسوء الأمور.

وبينما أنظر لمن يفترض أنهم "أخوتي في الملهى"، فشلت في الاحساس ولو بقليل من الولاء من نصفهم.

هؤلاء الرجال يحملون شعار الملهى على ظهورهم – إنه ميراث عائلتي – ومع ذلك معظمهم لا يقوى على النظر في عيني مباشرة.

رفعت حاجبي "ماذا؟ ألا يوجد حفل ترحيب بي بعد هذه الغيبة؟"

نهض بيك من على كرسيه – كرسيي الخاص! – على رأس الطاولة.

توجد حقيقتان عن "بيك" يجب على الجميع إدراكها.

أولًا، أنه دائم العبث بعود الأسنان بعد كل وجبه، ولو علّقت على فعله اللعين، سيدفعه بأكمله في عينك بلا تردد - شاهده يفعل ذلك مع نصف الشباب سابقًا.

ثانيًا، إنه ثعبان خبيث بحق. كنت أعلم هذا آنذاك، لكنه كان وفيًا لوالدي لذا أبقيته بقربي.

"إذا ليس الشيطان نفسه جالسً إلى طاولتي الخاصة. ما كنت أظن بأنك سترى النور ثانيةً أبدًا" هكذا تحدث "بيك" بنبرة وكأنه يبصق طعم الجيف من فمه "وبالتأكيد ما توقعت امتلاكك أصغر ذرة جرأة للظهور هنا مجددًا إن حدث ذلك"

ـ ماذا قال للتو بحق الجحيم؟ ـ

"تحتاج لدرس يُعيد تذكيرك بمن القائد يا بيك؟"

من الصحيح أن سمعتي لم ترتقِ منذ دخولي السجن، ولكني أنوي إعادة بنائها الآن بكل تأكيد وسأبدأ بقتل هذا الوغد لو تطلب الأمر.

زمجر "بيك" لكن دون كلمة واحدة.

كانت عيناه مثبتة على الرجل يمينه – يبدو انه نائب الرئيس الخاص بي من الواضح أنه لم يستطع تعيين نائب خاص به؟

يعتقد أن هذا الملهى مُلكه؟ أنه الشخص المسئول؟ ما هذا الهراء الذي يدخنه؟ مؤكد أنه تسبب له بأوهام خطيرة.

عند إعادته النظر إليّ اكتشفت منبع نشوته...القوة اللعينة.

"راودتني فكرة وأنت مفقود يا كولت"...نهض الوغد، بالطريقة التي يتحدث بها ربما تكون فعلاً آخر مرة سيفعلها

"هل الشيطان لا يزال هو الشيطان إن لم يعد يخشاه خاطئ واحد؟" ألقى "بيك" نظرة حول الطاولة نحو الآخرين. كلهم ظلّوا صامتين...لا يمكن أبدًا أن يفكروا بالوقوف إلى جانب هذا...هذا العُذر القذر على هيئة بشر والاستماع لثرثرته!

نظر "بيك" إليّ مرةً أخرى مع ابتسامة تفوح بالمكر "الأزمان تبدّلت يا بني، وأخشى أن أخبرك بأنك تعيش في الماضي"

ـ بني ـ بهذه الكلمة الخارجة من فمه بدأ المسدس المدسوس في حزام بنطالي الجينز يعض خاصرتي

"مستقبل هذا الملهى قائم على ما هو أكثر من مجرد رجل يشعر بالإثارة للحظة القتل. الملهى بحاجة للأدمغة ونحن نشكك بأهليتك العقلية يا كولت. لقد قُدت مذبحةً في وضح النهار! قُدتنا جميعًا إلي الموت"

ضاقت عيناه نحوي "يبدو أنك لم تمتلك أبدًا ما يتطلبه هذا الملهى ليظل مستمرًا في عالم اليوم... الكثير تغير منذ رحيلك. بالأساس، لمَ تتلطخ بالدم إن كان بالإمكان الثأر والبقاء نظيفًا بنفس الوقت؟"

ـ منذ متى وملهي يسلك درب النظافة؟ ـ

"هالتك تحترق يا بيك... لن يشتري عاقل واحد هذا الهراء الذي تنفثه" بصقت الكلمات من فمي، غير مستوعب لما أسمعه "اللعنة يا رجل!..لا مجال إطلاقًا بأنك أنت مستقبل هذا الملهى. تاريخ فايبرز يجري في دماء عائلتي"

شعرت بغضب عارم يغلي في عروقي - هذا واضح كالشمس...هل أعمتهم شهوة السلطة وأصبحوا غير قادرين على رؤية قيادة هذا الرجل لهذا الملهى كارثة حتمية؟ لعنتهم جميعًا!...لقد قضيت ثلاثة عشر عامًا خلف القضبان باسم شرف وانتماء هذا الملهى.

ثلاثة عشر عامًا وأنا أخطط لما سافعله فور تحرري، بينما "بيك" كان يخطط هو الآخر – خطط للتخلص مني تمامًا. كل هذه السنين وهو يجثم هنا متمنيًا لو حقنة الإعدام أنهت أمري. كان يجب عليه معرفة حقيقة بسيطة: لا أحد يفوز راهنًا ضد الشيطان.

"صوتوا!" صرخ "بيك" مخيفًا بعض أعضائي القدامى الذين سارعوا برفع أيديهم للأعلى

وكأنهم دمية يتلاعب بخيوطها! لا يحتاج الأمر إلا صيحة منه يجعلهم يطيعون بلا نقاش.

خمسة أذرع فحسب ظلت ثابتة.

ألقى "بيك" نظرةً على أقرب رجاله إليه..رجل ذراعيه مقبوضتين بقوة على صدره. إنه "عقرب" إذن. حسنًا، على الأقل هو آخر صامد بعد هذه المهزلة. يبدو السن أكبر عليه الآن، ولكن ثلاثة عشر عامًا لهول تأثيرها الجسيم على روح وجسد أي إنسان.

الزمن لم يرأف بي أنا أيضًا، لكني لم أنس أبدًا الرجل الذي وقف إلى جانبي تحت طلقات الرصاص المتعاقبة. الرجل الذي ساندني حين كنت على أعتاب الحكم بالسجن.

حتى في هذه اللحظة، حيث توضع ولاءه لي على المحك مرةً أخرى، لا يزال "عقرب" بجانبي.

استنادًا لموقعه عند الطاولة، من الواضح أن "عقرب" شق طريقه صعودًا بتفانٍ...يجلس فوق رتبة المنفذين إلى جوار نائب الرئيس مباشرةً – هذا المتعجرف ذو الابتسامة الخبيثة...وكأنها اللحظة التي ينتظرها بشغف.

بالكاد تذكرت الوجوه الأربعة الأخرى لأولئك الذين لم تُرفع أيديهم. كانوا مرشحين للعضوية فقط في عهدي كقائد للملهي .

كان المنطق يحتم انحيازهم لـ"بيك" دون تردد...

ومع ذلك، فإن هؤلاء الحثالة الذين لطالما اعتبرتهم "أخوة مدى الحياة" يقفون بكل نفاق إلى جانبه!

"هذا الرجل" توسّل "بيك" إلى الخمسة الباقين "ما هو إلا شبح. لم يكن هو من يطعمكم على مدار السنين. لماذا تثقون بحكمته مجددًا؟ أيامه معدودة – المباحث ستلقي القبض عليه قريبًا جدًا. لا يفلت رجلٌ بهذه البساطة من عقوبة الإعدام"

كل كلمة كان يرميها "بيك" كانت بمثابة حزمة شائكة جديدة مُغطاة بالوقود...أصبح الآن ممسكًا بأعواد الكبريت مستعدًا لإضرامها!

خيم الصمت من جديد على المكان، ولكن الخلاف ما بين رجالي أنا ورجال "بيك" جعل الهواء غليظًا مُشبعًا بصراع محتدم على وشك الانفجار

"نعلم جيدًا بأنّك متورط في أمور قذرة يا بيك" قاطعه "عقرب" بنبرة حادة "لا تجلس متبجحًا علينا وكأنك القديس الطاهر...أعرفك وأعرف خدعك وعقدك لاتفاقات من وراء ظهورنا. تمارس لعبتك هذه على رقعة شطرنج نجهل نحن كل تفاصيلها...هذا ليس المستقبل المنشود بالنسبة لي"

"إنْ رحلت من هنا في هذه اللحظة يا ولدي فلن تجد طريق عودة أبدًا". بادر "بيك" بتهديد "عقرب" - ولكن على النقيض من بقية إخوة الملهى، لم تستطع تهديداته كسر شوكته

تبادل "عقرب" النظرات مع الأعضاء الذين أبوا رفع أيديهم "ما رأيكم أنتم أيها الشباب؟"

نهضوا واقفين جميعهم ثم عبروا الصالة ليجتمعوا حولي. كلً منهم سحب مسدس "غلوك" صوّبوه صوب "بيك"

مجموعة "بيك" - تلك الفئران الخائنة في مجملها - قفزوا واقفين ساحبين سلاحهم هم أيضًا

لمعة التواء شريرة ظهرت على شفاه "عقرب" "التمرد سلاح الفاشلين، وأنت تحاول جاهدًا إثبات جدارتك لتقف مكان رجل أكبر منك بكثير"

"تدمر علاقات صداقة وخدمة امتدت لسنوات من أجل هذا الخائن، ماهو سرك يا عقرب؟" خرجت كلمات "بيك" مصحوبة بصكَة أسنان

"لأنه الشيطان. هل اعتقدت بالفعل أننا نتناسى دماء هذا الملهى وحقيقتها؟ كولت كان وسيظل قائدنا الأبدي".

ظلت المسدسات مشهرة حتى أومأ "بيك" إيماءة برأسة وخفض رجاله أسلحتهم. لطالما كان مهوسًا بالقوانين، وكود الشرف بين راكبي الدراجات يفرض منح فرصته لأي شخص يقرر الانسحاب، ما يتوجب علينا السماح لهم بالخروج من أملاك الملهى بسلام...ولكن فقط "على أملاك الملهى"، وبعد الخروج تصبح جميع الاحتمالات متاحة

لهذا السبب اضطر "بيك" أن يتغاضى عن خروج مجموعتي الصغيرة بسلام...لوقت معين

"التاريخ وحده ما يمنعني عن نحر رقبتك الآن"ملهى ت "بيك" وسلاحي لا يزال مصوبًا عليه

"أظنني تتحقق جيدًا...أنت الطرف الأقل عددًا!" تحدّث نائب الرئيس بغرور

من يظن هذا الوغد نفسه؟ إنْ شك للحظة بأنّي غير قادر على إرسال روحة القذرة للجحيم فهو مخطئ بشدة

استدرت مشيرًا لرجالي بإخلاء الصالة، ابتسمت بخفة وأنا أقول بنظرة قاتلة موجهة صوب "بيك" : "هذه الأرواح التي ستهدر...مسؤول عنها أنت"

بحركة خاطفة من اصبعي أطلقت الرصاص نحو ماسورة الغاز في السقف...

واندلعَتْ النيران تلتهم مبنى فايبرز للدراجات النارية

نصيحة ذهبية!

يمكنكم العثور على خصومات، عروض ترويجية، وأحدث التحديثات في مجموعتنا على الفيسبوك https://www.facebook.com/groups/galatea.stories

! انضموا إلى مجتمعنا اليوم!

الفصل التالي
Rated 4.4 of 5 on the App Store
82.5K Ratings
Galatea logo

كتب غير محدودة وتجارب غامرة.

غالاتيا فيسبوكغالاتيا إنستغرامغالاتيا تيك توك