E.R. Knight
عندما انتهت كارا من ورقتها البحثية، كان الشفق قد حل. اعتدلت في جلستها، وأخذت تدير رقبتها لتخفف توتر عضلاتها.
مر الوقت سريعًا كالعادة، وكان عليها أن تنظف الأرضيات بالمكنسة الكهربائية اليوم، فقد كان دورها.
أغلقت كتبها ووضعتها في زاوية طاولة المكتب الخاصة بها. نظفت مكتبها وأعادت حامل الأقلام الذي سقط إلى جانب واحد في وقت ما خلال الساعة الأخيرة.
رفعت يديها وفركت كعبي كفيها بعينيها وأخذت نفسًا عميقًا وشعرت بجفاف فمها.
لم تأتِ ميجان للاطمئنان عليها في وقت سابق كما اعتادت. وكانت كارا تعرف السبب. مما جعلها تعبس قليلًا.
إذًا، سيبقى هذا الأحمق.
تنهدت. كان الأمر ميؤوسًا منه، لقد كان ابن عم صديقاتها المفضلة.
لا يمكنها أن تكون وقحة، حتى لو أرادت ذلك. كانت تحب ميجان، وعلمت أن ميجان تحب عائلتها للغاية.
دفعت كرسيها للخلف، ووقفت، وتمددت مجددًا، رافعة يديها عاليًا وواقفًة على أطراف أصابع قدميها. يا إلهي، يا له شعور رائع.
"هل انتهيتِ لهذا اليوم؟"
فزعت من صوت ميجان خلفها.
استدارت كارا ورأت أنها كانت ترتدي بنطالًا قصيرًا من الجينز وقميصًا بلا أكمام، وشعرها مربوط بطريقة عفوية.
كانت تمضغ شيئًا، وعلى الفور شعرت كارا بالجوع. لم تأكل منذ خمس ساعات.
"أنا جائعة." قالت وهي تمضي قدمًا وتشبك ذراعها مع ميجان، لتبادلها ابتسامة.
لم تخبرها كارا عن الحادث في الصباح، فقد كانت محرجة للغاية ولا تود مناقشة الأمر. كانت تأمل بألا يكون آدم قد أخبرها كذلك.
"لقد صنعت بعض المعكرونة بالجبن وهناك مقرمشات، على الرغم من أنني أعتقد أن آدم قد تناولها الآن."
"المعكرونة بالجبن تبدو شهية."
أومأت ميجان برأسها وهي تهمهم بلحن تحت أنفاسها أثناء دخولهما غرفة المعيشة.
شعرت كارا بالارتياح. إذًا لم يخبرها.
رأت آدم جالسًا على الطاولة ورقبته منحنية وهو ينظر إلى هاتفه في يده. كان يرتدي قميص قصير الأكمام وسروالًا رياضيًا.
دون أن تكلف نفسها عناء تحيته أو الاعتراف بوجوده بأي شكل من الأشكال، اتجهت كارا مباشرة إلى المنضدة وأمسكت بطبق، عازمة على ملئه بكمية وافرة من المعكرونة بالجبن.
بطرف عينيها، لاحظت اللحظة التي رفع فيها آدم بصره واستدار نحوها.
كانت ميجان جالسة بالفعل على الأريكة، ودفتر الرسم في يدها. كان الرسم هوايتها التي مارستها في بعض الأحيان، وأصبحت ماهرة به الآن.
بمجرد ملء صحنها، استدارت كارا وذهبت إلى الطاولة، وسحبت كرسيًا لتجلس.
طوال الوقت، شعرت بعيني آدم عليها. لكنها تجاهلته بجدية، واختارت التركيز على رائحة الطعام الشهية أمامها. كانت ميجان ماهرة في الطبخ.
كانت قد أخذت قضمتها الأولى عندما تحدث.
"هل تقضين دائمًا وقتًا طويلًا محبوسة في غرفتك؟"
كان هناك تلميح لشيء ما في صوته لم تستطع كارا تحديده. تجاهلت سؤاله وألقت نظرة على ميجان، التي كانت مشغولة برسم امرأة ترقص تحت المطر.
كانت تضم شفتها السفلية بين أسنانها، بالطريقة التي تقوم بها دائمًا عندما تحاول بشدة ألا تتشتت. دون تفكير، ابتسمت كارا.
فجأة، سمعت همهمة خافتة قادمة من الجهة المقابلة لها. رفعت كارا رأسها متفاجئة ونظرت إلى آدم بارتباك شديد، بدا وكأنه غاضب من شيء ما.
كان حاجباه معقودين، ولم يكن ذلك بشكل يوحي باللطف. كان تركيزه منصبًا بالكامل على شاشة هاتفه.
راقبته بينما تجهم وجهه، وبدأ كفُّه المنبسط على الطاولة ينقبض.
"ماذا بك؟"
خرجت الكلمات دون أن تدرك.
رفع رأسه فجأة ونظر إليها.
انقطعت أنفاسها من الصدمة عندما رأت الكراهية الشديدة تتصاعد منه.
ثم اختفت في لحظة، ليحلّ محلها نظرة كئيبة متهكمة جعلتها ترغب في صرف عينيها بعيدًا.
ابتسم ابتسامة متكلفة حين لم تفعل.
"كل شيء على ما يرام، يا غُرابتي الصغيرة."
كادت كارا أن تدير عينيها.
"لماذا لا زلت هنا؟ كان ينبغي أن تغادر هذا الصباح."
ضحك ضحكة خافتة ومبحوحة.
رأتها ميجان تحدق بهما وتتوقف عن الرسم.
هزت كارا رأسها، وأخذت تأكل، وشرد ذهنها محاولة كبح جماح نفسها عن التراجع حين نهض آدم من كرسيه وجره ليقترب منها للغاية.
التفتت بعيدًا بعزيمة، وركزت انتباهها على طعامها، بينما شعرت بوخز خفيف في جلدها يشبه ذلك الإحساس الذي خبرته مؤخرًا، والذي ينتابها كلما اقترب آدم منها.
"هل أجعلكِ متوترة، يا غُرابتي الصغيرة؟" قال بصوت ناعم، مائلًا نحوها.
ضحكت كارا ساخرة وفمها مليء بالطعام.
لم يصدر منه سوى ضحكة أخرى وهو يقترب أكثر فأكثر، واضعًا يده على ظهر كرسيها.
"أشعركِ بذلك...صحيح؟" قال ضاغطًا على كلماته، صوته منخفضٌ أكثر.
بلعت كارا ريقها بتوتر، وبللت زاوية فمها بحركة لا إرادية قبل أن تنظر إليه.
كانت عيناه مثبتتان على شفتيها، وتلاشت الابتسامة المتكلفة المرتسمة على وجهه.
"كلا." قالت بحزم مشددةً على كل مقطع من الكلمات.
حدّق إليها آدم في دهشة للحظة قبل أن يقهقه.
ثم إقترب أكثر، ولمس شفتها العليا بإصبعه السبابة بضغط خفيف. احمر وجهها وهي تدفع يده بعيدًا.
ابتسم لها ابتسامة متكلفة، مقربًا إصبعه من فمه.
راقبته كارا مذعورةً وهو يمص طرف إصبعه.
"لذيذ." قالها بحركة الشفتين فقط، مع غمزة.
ثم نهض وغادر الغرفة.
***
ثلاثة أيام أخرى.
تمتم آدم في نفسه، يردد العبارة مرارًا وتكرارًا دون أن تفلح الكلمات في تهدئة غضبه.
خمسة عشر يومًا.
خمسة عشر يومًا مرت منذ آخر مرة سدد فيها لكمة إلى وجه أحدهم.
تتوق عضلاته للقتال.
يرغب في ذلك عقله وروحه على حد سواء: نشوة المعركة، وإحساس النصر حين يرقد خصمه أرضًا.
قبض على رخام الحوض حتى ابيضت مفاصل يديه من الضغط. سينفجر غضبًا إن لم يفعل شيئًا حيال هذا الشعور في أقرب وقت.
كان ريد قد رفض أخذ المال مقابل نزال آدم الأخير، لكن آدم أقنعه حتى وافق أخيرًا بعد أن وعده برد المبلغ يومًا ما.
هذا اليوم ما زال بعيد المنال.
كان كل هذا قبل أن يقرر آدم الاستقالة، وقبل أن يستهدف اللعين كروفورد ريد.
كروفورد هو المستفيد من كل نزال في النادي. فكان الرئيس والعقل المدبر.
لقد دعم ريد قرار آدم بالانسحاب. وسارت الأمور وفقًا للخطة.
انهارت خطته فجأة وتبعاتها كانت وخيمة عليه.
لم يتمكن كروفورد من العثور على مقاتل آخر ماهر بما يكفي ليحل محل آدم، الأمر الذي استفزه بشدة. فاستهدف ريد، مهددًا إياه ليجبر آدم على العودة.
ادعى كروفورد أنه بحاجة للمال، لكن آدم كان يعرف الحقيقة. يستمتع الوغد بسفك الدماء، يتلذذ برؤية الأجساد تتساقط بعد كل جولة قذرة. كان القتال مجرد لعبة بالنسبة له.
ضرب ريد لمجرد معرفة أين يختبئ آدم لم يكن سوى البداية. كان بإمكان كروفورد أن يفعل ما هو أسوأ، وهذا ما يعرفه آدم جيدًا.
كان عليه مقابلة ذلك الوغد ووضع خطة للخروج من هذه الورطة نهائيًا.
رش وجهه بالماء البارد، فشعر بارتياح حين خففت لسعة الماء من توتره.
أدار كتفيه ومدّ أصابعه للتخلص من الضغط.
سيواجه كروفورد.
عليه أن يفعل ذلك.